روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات أسرية | لماذا يهجرني.. زوجي؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات أسرية > لماذا يهجرني.. زوجي؟


  لماذا يهجرني.. زوجي؟
     عدد مرات المشاهدة: 2869        عدد مرات الإرسال: 0

السلام عليكم.. أنا زوجه اولى ومتزوجين ولدينا ابناء كبار وحياتنا لاتخلو من المنغصات ولكن منذ4اعوام تزوج زوجى بواحده.

والله اقل منى فى كل شى حاولت اخفى غيرتى ولازلت ابين ان الشى هاذا عادى وفى داخلى احترق منه اكثر منها ابكى على صبرى على تحملى لضروفه وجات الثانيه على الجاهز

مشكلتى ان له فتره هاجرنى كانه اخوى معاى على السرير وانا ماخذتنى عزت النفس واقول بداخلى لو يبينى جانى بس لم يعد يطيقنى تعبت من التفكير وافكر فى الانفصال احس انى غير مرغوبه عنده

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..

أما بعد:

ابنتي الحبيبة.. أقدر تماما حجم المعاناة التي تستشعرينها، وكم الألم الذي أصابكِ بعد زواج زوجكِ عليكِ، فقرار زوجكِ هذا من الواضح أنه جاء بعد عشرة طويلة بينكما كما ذكرتِ (لدينا أبناء كبار) وبعد أن وقفتِ بجانبه و تفانيتِ في راحته حتي استقر وضعه (أبكى على صبرى على تحملى لظروفه وجاءت الثانيه على الجاهز)..

ولكن اعلمي – يا حبيبتي – أن لكل إنسان ابتلاءه الخاص، والابتلاء سنة الله في الكون يختص الله به فئة من عباده لحكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالي. ومن تفكر وتدبر في الابتلاء يكشف الله له من أسراره ما يهونه عليه.

أليس بالابتلاء يُعرف الصابر من الناقم؟

أليس بالابتلاء يعرف الشاكر من الساخط ؟

أليس بالابتلاء يُعرف الطائع من العاصي؟

هل تعلمين ابنتي أن الله يحب صوت المبتلي في جوف الليل يناديه ويناجيه ويطلب منه سبحانه أن يرفع عنه هذا البلاء، أو يهونه عليه، فلا تترددي ولا تتقوقعي علي ألآمكِ وأحزانكِ، واحذري من الشيطان أن يقذف في قلبكِ اليأس ليصرفكِ عن طاعة الرحمن.

أو أن يجعلكِ تعضين أناملكِ ندما علي وقوفكِ بجوار زوجكِ وتضحياتكِ من أجله، فيُحبط عملكِ ويضيع أجركِ.. فاحذري، فما أنت فيه الآن: تربة خصبة للشيطان اللعين لينفث سمومه وحبائله، فاستعيذي بالله منه.

واطلبي العون والمدد من الذي بيده ملكوت السموات والأرض. و ابشري – ابنتي الحبيبة – ببشري رسولنا وأسوتنا وحبيبنا والقائل: "من يُرِد الله به خيراً يصب منه" و "يصب منه" أي يبتليه ببلاء رحمة به وخيراً له.

وقوله عليه الصلاة والسلام:" ما يصيب المؤمن من بلاء ولا نصب ولا وصب ولا همٍّ ولا حزن ولا أذى ولا غمٍّ حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه " فكل شيء مما ذكر يحط من ذنوب المؤمن حتى وإن كان مجرد هم أو غم يدخل قلبه ولا يطّلع عليه الناس!.

واعلمي أن من صبر علي البلاء وحمد الله غفر الله له وجازاه بأحسن ما يجازي به العبد الصابر الشاكر وهو الجنة، هل ترضين ابنتي بالجنة؟ والثمن هو الصبر والرضى والشكر.. وما أنت فيه هو ابتلاء وامتحان، كما قال الله (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) الزمر:10.

أما تعلمين أن أشد الناس بؤسًا في الدنيا يؤتي به يوم القيامة فيصبغ في الجنة صبغة ويغمس فيها غمسة فيقال له: هل رأيت بؤسًا قط؟ هل مرَّ بك شدة قط ؟ فيقول: لا والله يا رب.

ابنتي الحبيبة.. كفكفي عن عينيكِ هذه الدموع، وأزيلي عن نفسكِ هذا الكرب، وانظري إلي أبناءكِ جعلهم الله قرة عين لكِ في الدنيا والآخرة، وعوضوكِ خيرا، ففيهم العوض، ومعهم التسرية عن النفس، فانظري إلي عيونهم ستجدي سحابة الخير قادمة تشرق بفجر جديد ملؤه الأمل والسكينة والاطمئنان، فبين يديك أبناء..

مشروع استثماري عظيم تحققي بهم ما تتطلعين إليه من خلال تربية صالحة ليكونوا رجالا صالحين عظماء، يتحقق بهم نصر الإسلام وعزة المسلمين.

ابنتي العاقلة.. لاشك أن ما تخفينه في صدركِ من غيرة و حزن (حاولت أخفى غيرتى ولازلت أبين أن الشيء هذا عادى) ولكن بالقطع كل أفعالكِ و أقوالكِ تظهر أنكِ (فى داخلى أحترق) فصار العبوس يرتسم في عينيكِ و ضاعت الضحكة من علي وجهكِ و عشعش البؤس علي كل تصرفاتكِ.

فصارت حياتكِ كئيبة مظلمة، حتي ابتعد عنكِ زوجكِ و هجركِ (مشكلتى ان له فترة هاجرنى كأنه اخوى معاى على السرير) حتي بدأ الشيطان ينفث سمومه لدرجة أنكِ ذكرتِ (أفكر فى الانفصال) و هذا هو مراد إبليس اللعين وغيره من شياطين الإنس الذين يروجون و يحرضون المرأة علي طلب الطلاق انتصارا لكرامتها و حلا لمشاكلها و معاناتها.

ابنتي المؤمنة.. اعلمي أن شريعة الله أباحت التعدد، وحال المؤمن والمؤمنة في هذا المقام كما قال الله تعالي: "وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا" الأحزاب: 36.

و لهذا أقول لكِ لا تقطعي حبائل الود بينكِ وبين زوجكِ، وكوني له الزوجة المخلصة، والصديقة الوفية حتى يكتب لكِ الله الأجر العظيم كما قال الصادق المصدوق– صلى الله عليه وسلم –: (إذا صلت المرأة خمسها.

وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت)، وقوله – صلى الله عليه وسلم –: (خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها، حفظتك في نفسها ومالك). وكوني علي ثقة أنه سوف يقدر موقفكِ هذا ويعرف قدركِ ويعود إليكِ، وتزدادين في عينيه إجلالا وحبا وتقديرا.

ابنتي الكريمة.. تخطيء بعض الزوجات الظن – وأعتقد أنكِ منهن- بأنه بعد مرور السنوات علي الزواج وإنجاب الأولاد، أن حاجة الزوج إلي العلاقة الخاصة قد أُشبعت أو تضاءلت، فتبدأ إهمال الزوج وعدم الاكتراث بحاجاته.

وربما الانشغال بتربية الأبناء والاهتمام بهم قد أختزل كثيرا من مساحة استيعابكِ لمطالبه، وإشباعكِ لحاجاته الغريزية، متجاهلة أن هذا الأمر بالنسبة للرجل من الأهمية بمكان، إضافة إلي إهمالكِ مظهركِ وزينتكِ بحكم التعود وطول العشرة، ظنا منكِ أن التجمل والتزين والدلال من لزوم السنوات الأولي من الزواج فقط. لهذا من المهم جدا أن تراجعي نفسكِ وتحاسبيها حساب الشحيح.

وتسأليها هل قصرتِ مع زوجكِ في شيء؟ راجعي طريقتكِ في التعامل معه، فربما حدث التقصير دون أن تدري، وربما انشغلتِ بالأبناء وأهملت الزوج، وربما أصبح البيت مكانا غير مريح للزوج بسبب مشاكل الأبناء ومتاعبهم، وربما لم تهتمي بعلاقتكِ الحميمة مع زوجكِ، وربما أمور أخرى فاجلسي مع نفسكِ وحاسبيها، فكلنا نخطئ واللبيب من يصحح أخطاءه ويتعلم منها.

أظهري لزوجك قدراً كبيراً من الاحترام والعناية، واستخدمي معه أسلوب المدح لصفاته الإيجابية، واسعي إلى رضاه، وعبري له عن مشاعركِ الدافئة، فالرجل يحب أن يسمع من زوجته أرق الكلمات وأعذب العبارات.

ويهتم بذلك أكثر من اهتمامه بقيامها بالأمور الأخرى من نظافة البيت والاهتمام بتنويع طعامه وشرابه... اعملي على إشباع الحاجات العاطفية، وإعادة الحرارة للعلاقة الزوجية بينكما، وذلك بإعادة خطوط الاتصال القلبية والوجدانية.

فابدئي التجديد والتغيير في حياتكما. تفهمي أن للرجل ضعفاً غريزياً أمام المغريات.. فحاولي أن تبدي أمامه كالعروس في رومانسيتها و إثارتها، تزيني له، وتطيبي له، وتفنني في إدخال السرور عليه، هذا هو الإسلام " أن تسره إذا نظر إليها ". ليس فقط في عنايتكِ بمظهركِ وزينتكِ ولمسات الجمال في منزلكِ، بل عبري عن مشاعركِ له، وأعطيه الفرصة للتعبير عن مشاعره هو أيضا. كوني له الحبيبة والصديقة التي تشاركه أحلامه، وتتفهم مشاعره، واظهري إعجابكِ به وبجاذبيته.

ابنتي المؤمنة.. من المهم جدا أيضا في حياتنا أن نتدرب علي الاستقلال عن الحاجة للآخرين، بمعني أن يكون لكِ المقدرة علي أن تضفي علي حياتك السعادة وصناعة المرح، وأن تستمتعي بحياتكِ رغم الألم ورغم الحزن ورغم المعاناة، ابحثي عن الجوانب المشرقة في حياتكِ واهتمي بها ..

انشغلي بتنمية قدراتك ومهاراتك و اقرأي في فنون الطهي وتربية الأبناء، فهم الكنز الحقيقي لك... كوني قوية ومتماسكة أمام أبناءك حتى يشبوا أسوياء النفسية. فزواج زوجكِ بأخرى سيوفر لكِ من الوقت ما كنتِ تبذلينه حين تواجده معكِ، لهذا أنصحكِ بانتهاز هذه الفرصة باستثمار وقتكِ فيما يعود عليكِ بالنفع، كإكمال دراستكِ، أو تعلم جديد، أو ممارسة هواية، أو دراسة كتاب، و لا تنسي أن الرفقة الصالحة من الأخوات الفضليات سيكن لك عونا علي تحمل الابتلاء.

مما يخرجكِ من بؤرة الأحزان ويشعركِ بالدعم النفسي لتتخطي هذه الأزمة بسلام. انظري للحياة نظرة متفائلة، فليست الدنيا نكاح وطلاق فحسب بل ستجدي السلوى والأنس في عبادة الله، وفي بذل الخير للناس، وفي تربية الأبناء التي أنت مسئولة عنهم أمام الله تربية صالحة ومستقرة، وانظري إليهم وتابعيهم في سني حياتهم، هذا سوف ينسيك كل حيرة وعذاب، نسأل الله عز وجل أن تقرَّ بهم عينك.

وفي الختام..أدعو الله سبحانه وتعالى أن يربط علي قلبكِ ويرزقكِ الرضا والتقي ويبارك لكِ في أبناءكِ وزوجكِ ويجعلهم قرة عين لكِ في الدنيا والآخرة... وواصيلينا بأخبارك.

الكاتب: أ.د. سميحة محمود غريب

المصدر: موقع المستشار